زين بين عالمين

5
88

أ يُعقل أن يكون هذا حُلم أم هذا هو الواقع الذي أعيشه...؟!!

هذه جملة قالها زين عندما وجد نفسه فجأة في هذا العالم الذي فُرض عليه...

في قرية صغيرة تحيط بها الحقول الخضراء والجبال البعيدة، عاش زين طفولته. كان صبياً في الحادية عشرة من عمره، يتميز بوجهه البشوش وفضوله الذي لا ينتهي. لم تكن قريته تملك مظاهر الحياة الحديثة؛ فلا هواتف تضيء الليالي ولا شاشات تستهلك الوقت.

كانت الحياة بسيطة بكل تفاصيلها. يستيقظ زين كل صباح على صوت تغريد الطيور وأشعة الشمس التي تتسلل من نافذة غرفته الصغيرة. ينطلق مع أصدقائه إلى الحقول، يركضون بلا قيود، يطاردون الفراشات، ويبتكرون ألعاباً باستخدام الأغصان والحجارة. كان الضحك يملأ الأرجاء، والصداقة تُبنى على اللحظات البسيطة التي تجمعهم ببعضهم.

في المساء، يجتمع أهل القرية في الساحة الكبرى. يحمل كل منهم قصصه وأحاديثه ليشاركها مع الآخرين. كان هناك رجل عجوز يُدعى العم صالح، يجلس على كرسيه الخشبي تحت شجرة التوت، يحكي للأطفال قصصاً عن أيام شبابه. الجميع كانوا يعرفون بعضهم البعض، وكانت العلاقات الإنسانية عميقة وصادقة.

الطعام يُطهى على النار بالحطب، والمياه تُجلب من البئر المجاور. لم يكن أحد يشعر بأن هناك شيئاً ناقصاً، لأن الحياة كانت مليئة بالحيوية والتواصل الحقيقي.

 

في أحد الأيام، بينما كان زين يتجول في الحقول وحده، لفت انتباهه سرداب قديم مهجور، تحيط به الأعشاب الطويلة. لم يكن قد لاحظه من قبل. اقترب منه بفضول، وحين دخل، شعر فجأة برياح قوية تدفعه نحو الداخل. حاول التمسك بالجدران، لكن قدميه انزلقتا. أغمض عينيه، وشعر كأنه يسقط في فراغ لا نهائي.

عندما فتح عينيه، وجد نفسه في عالم مختلف تماماً. كان محاطاً بناطحات سحاب شاهقة، وشاشات كبيرة تعرض إعلانات وصوراً متحركة. الناس يتحركون بسرعة، وكل منهم يمسك بجهاز صغير يحدق فيه دون أن ينظر حوله.

 

حاول زين أن يتحدث مع أحدهم، لكنه لم يتلقَ أي استجابة. الجميع كانوا منشغلين بأجهزتهم، يبتسمون لشاشاتهم أو يتحدثون مع أناس بعيدين عبر سماعات صغيرة في آذانهم. لم يكن هناك صوت ضحك أو حديث بين الحاضرين.

الأطفال يجلسون في الزوايا يحملون أجهزة لوحية، يلعبون ألعاباً افتراضية بدل أن يركضوا ويلعبوا في الخارج. الكبار يعتمدون بشكل كامل على تطبيقات تذكرهم بمواعيدهم أو تساعدهم في التسوق، حتى الطعام يُطلب عبر الأجهزة ولا يُعد في المنازل،حتى أن بعض المحلات كانت تدار بالكامل بواسطة شئ يسمونه الذكاء الاصطناعي. لم يكن أحد يلتقي وجهاً لوجه، وكانت الابتسامات الحقيقية نادرة.

الناس هناك كانو لا يستعملون عقولهم،حيث كانوا يلجأون للآلات ولهواتفهم لحساب الارقام لهم،حتي أنهم كانوا يجعلون الذكاء الاصطناعي يفكر لهم يقترح عليهم مايفعلونه وما لايفعلونه،هو من يضع لهم أمتحناتهم وهو من يجيب لهم عن الاسئلة،لدرجة أن بعض الاشخاص أتخذوه صديقاً لهم يشاركونه أوقاتهم وأفكارهم.

 

تذكر زين قريته البسيطة، وتساءل: "كيف يمكن أن تكون الحياة هكذا؟ ثم حدث نفسه قائلاً أيعقل أن يكون هذا حلم أم هذا الواقع الذي أعيشه..؟!

نعم قد كانت قريتي بدون كل تلك الاشياء التي يسمونها بالتكنولوجيا الحديثة،لكنها كانت مليئة بالفرح والحب بالفعل كنا نواجه بعض المشقات في بعض الاعمال والأشياء التي تُنجز في جزء من الثانية هنا كانت تستغرق وقت أكبر هناك ،لكننا نستخدم مشاعرنا في التواصل ، نستخدم عقولنا لنفكر ونحل المشكلات التي تواجهنا والصعاب، أما هنا فالحياة خالية من المشاعر والعلاقات الانسانية، يتحدد وجود الشخص بالنسبة لهم بوجوده ضمن قائمة الاصدقاء لديهم علي أحد مواقعهم الإلكترونية،ونسبه قُربه منهم بنسبه تفاعله مع منشوراتهم، وإذا أختفي ننسي وجوده،أصبح الحديث بين الاصدقاء، علي تلك الغرف الصغيرة، يتشاركون فيها الكثير من الاحاديث الطويلة واللحظات السعيدة والحزينة أيضاً تحمل تلك الغرف في طياتها الكثير من الذكريات والمشاعر، وسرعان مايُمحي كل ذلك إذا حدث خلاف بينهم ."

بدأ يفهم أن هذا العالم الجديد رغم تقدمه يحمل في طياته خطراً كبيراً. التكنولوجيا، على الرغم من فوائدها، كانت تعزل الناس عن بعضهم البعض. الذكاء الاصطناعي الذي سمع عنه لأول مرة هنا كان يتحكم في كل شيء تقريباً، لكنه جعل الحياة تبدو باردة وخالية من المشاعر.

 

قرر زين أن يروي للعالم القديم الذي جاء منه عن هذا العالم. عاد إلى السرداب، وبعد رحلة مشابهة، وجد نفسه في قريته مرة أخرى. كانت التجربة قد تركت أثراً عميقاً في نفسه.

جلس مع أهل قريته، وروى لهم ما رآه. حثهم على أن يستفيدوا من التكنولوجيا بحكمة، دون أن يسمحوا لها بأن تسلبهم إنسانيتهم وتواصلهم الحقيقي.

 

ومنذ ذلك الحين، عاش زين حياته متذكراً دائماً أهمية التوازن بين البساطة والحداثة.

- ساره بغدادي✍🏻

Love
Like
5
البحث
الأقسام
إقرأ المزيد
أخرى
🚀قدها وقدود!🚀
  💡 نصيحة اليوم: لا تدع القلق يسيطر عليك! أنت قوي وقادر على تحقيق النجاح. 🎯 أعطِ كل سؤال...
بواسطة Toka Hisham 2025-01-06 23:08:20 0 97
أخرى
🌟 اجعل كل يوم بداية جديدة! 🌟
لا تدع الأمس يحدد مستقبلك. ابدأ اليوم بابتسامة، وأمل، وتفاؤل. 💫  
بواسطة Toka Hisham 2025-01-05 22:08:36 0 103
الرئيسية
ضغط الامتحانات ✅
  💡 تذكر أن الامتحانات مجرد خطوة في رحلتك الطويلة.   🌍 الأحلام لا تتحقق بين ليلة...
بواسطة Toka Hisham 2025-01-08 13:27:38 0 80
أخرى
لا تنس أبدأ أن تطمح للأفضل!
كل يوم هو فرصة جديدة لتحقيق أحلامك. استمر بالتقدم ولا تدع العقبات توقفك. 💪  
بواسطة Toka Hisham 2025-01-04 22:19:37 0 109
أخرى
جمعة مباركة
🌙 جمعة مباركة للجميع! 🌙   📿 اجعل هذا اليوم ملئًا بالسلام والتسامح.   🕌 صلاتك اليوم يمكن...
بواسطة Toka Hisham 2025-01-09 22:25:22 1 73